غرباً شرقاً أو بين القطبين الجزائر أرث رياضي عربي

غرباً … شرقاً أو بين القطبين
*الجزائر أرث رياضي عربي*

د.فواز بن خيري الحكمي
عضو الامانة العامة للدورة – أستاد الادراة الاقتصاد الرياضي المساعد بجامعة الملك سعود بالرياض

يرى البارون الفرنسي المؤسس للالعاب الاولمبية الحديثة دي كوبيرتان ارتباطا وثيقا بين الفنون والثقافة والرياضة. كما ان كتير من الفلاسفة يرون فيها رسل السلام العالمي المنشود حتى اليوم. ومنذ نشاة الالعاب الاولمبية الحديثة شهد هذا الارتباط تطورا ايجابيا متزايدا, وشهدت الدورة الاولمبية في مدينة ملبورن عام 1954 مولد اول معرض فني في اطار الدورة, واضيفت بعد ذلك فقرة الى الميثاق الاولمبي تلزم المنظمات للدورات الاولمبية بادراج برنامج ثقافي ضمن انشطة الدورة.
اليوم اصبحت دول العالم تتسابق لاستضافة الالعاب الاولومبية لابراز ثقافة و فنون شعوبها. الرياضة عبر مهرجان الالعاب الالومبية اصبحت طريق مهرجان الثقافات و الفنون المتعددة. فحفلات افتتاح الالعاب الالومبية التي اصبحت تنقل لجميع انحاء العالم و يشاهدها اكثر من ثلثي سكان العالم، باعتبارها مناسبة فريدة لتعرف على ثقافات و فنون شعوب العالم. العرب قدموا العديد من اللوحات الثقافية و الفنية عبر دورات الالعاب الاولمبية على المستوى الدولي و الاقليمي.
شرقاً الخليج العربي وغرباً المحيط الهادي و ما بين القطبين الجزائز عروس البحر المتوسط فيها الشواطئ السحرية الممتدة لأكثر من 1200 كيلومتر، جسدت قصة الحرب والسلم في لوحات حفل افتتاح دورة الالعاب العربية الخامسة عشر، حيث ابرزت التاريخ العريق للجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية في أجواء رياضية فريدة احتضنت الرياضين العرب لتتميز الجزائر بالمبادرة في تنظيم هذة التظاهرة الرياضية العربية للمرة الثانية في تاريخها. العاصمة و وهران و تيبازة و قسنطينة و عنابة تزينت لأكثر من 3500 رياضي يمثلون 22 دولة عربية وشاركوا في 21 رياضة ألومبية وتنافسوا على اكثر من 189 ميدالية في تقليد أولمبي عربي. لوحات حفل الافتتاح وقفة عند التراث الجزائري المصنف دولياً والمتميز بتنوعة الحضاري العربي والرماني و الامازيغي و الفينيقي والبيزانطي. حفل بعنوان “صميم” جاء في صميم الثقافة الجزائرية وجسد الارث العميق للتراث الجزائري بلوحات رائعة للعادات والتقاليد والمأكولات و المخطوطات والمنحوتات الأثرية وجسدت أرض أستاد “مركب 5 جويليا الرياضي” لوحات مزخرفة بنقوش أثرية وبعروض جمالية بملابس تقليدية من مختلف الولايات الجزائرية واهازيج شعبية رسمت أجمل اللوحات الفلوكلورية الفنية أحتفاء بالرياضيين العرب في يوم الجزائر الوطني.
أرث الألعاب الرياضية العربية لم ينتهي بأنتهاء حفل الأفتتاح وأنما عاش الرياضيين العرب صدمة حضارية بجمال المدن والولايات الجزائرية في كل رحلة منافسة بين مقرات الأقامة وميادين المنافسة فجمال البحر والشواطئ العذراء وخضرة الجبال والسهول في كل مكان تجعل منها تجربة فريدة للرياضيين العرب. كما أن النشاط الثقافي و العلمي كان حاضر في دورة الألعاب الرياضية العربية الخامسة عشر. التفاعل الأجتماعي بين الشعب الجزائري الكريم المضياف والرياضيين العرب ترك بصمة محفزة في نفوس كثير من أفراد المجتمع الجزائري وأبرز الرغبة المجتمعية للجزائريين في ممارسة الرياضات المختلفة لما يتميز به المجتمع الجزائري من شغف بالرياضة. صعود الرياضيين العرب لمنصات التتويج كان بمثابة رسالة فخر وولاء للأوطان لدى الشعب الجزائري الحاضر للمنافسات و الشعوب العربية المتابعة لمنافسات الألعاب الرياضية حضورياً أو عبر الوسائل الاعلامية و وسائل التواصل الأجتماعي.
ورثت الثقافة العربية غصن الزيتون ليصبح رمز الالعاب الاولمبية والسلام الممتد عبر العصور. شجرة الزيتون المنتشرة في أرض الجزائر كانت دعوة سلام و تعايش وجسدها الفكر الاولمبي بعقد غصن الزيتون كرمز السلام العالمي و رابط ثقافي لشرق بالغرب. فكما أنشد في حفل الأفتتاح غرباً … شرقاً أو بين القطبين أستمر هذا الربط الثقافي حاضر في أعين الرياضيين في أرض الجزائر و محوره شجرة من أرض العرب و المسلمين التاريخية فلسطين. فالقران الكريم أكد مصدر هذة الشجرة في الاية 35 من سورة النور بقول الله عز و جل (يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونِةٍ لَّا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَولَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ). فأقدم دلائل موطن شجرة الزيتون هو منطقة جبال نابلس في فلسطين وصولاً إلى سلسلة الجبال الساحلية السورية “مملكة إبلا” . المسلمين و العرب دعاة سلام عبر التاريخ وهذا جعل الالعاب الأولمبية ونموذجها المصغر “دورة الألعاب الرياضية العربية” جوهرة من الجواهر في ثقافة العرب و المسلمين. كتب رسول الإسلام دعوة سلام عربي، يخاطب الملوك والروساء بألقابهم ويعترف بمكانتهم ويقرر أن سلطانهم في ظل الإسلام “السلام على من اتبع الهدى” و “أسلم تسلم “. النسيج الاجتماعي في ارض الزيتون العربية دليل تاريخي على تعايش العرب مع ثقافات و ديانات مختلفة وهو ما جسدته دورة الألعاب الرياضية العربية في الجزائرة.
حفل الختام أمتداد للنجاح فوق العادي للجزائر واتحاد اللجان الأولمبية العربية الوطنية في تنظيم دورة رياضية في وقت قياسي لم تشهده أي دورة رياضية في العالم يستحق أن نقف له أحتراماً وتقديراً ونهتف بصوت واحد “الجزائر أرث رياضي عربي”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى