الصحفي الرياضي محمد ولد الحسن في حوار “جريئ جدا “عن الرياضة الموريتانية:

يعتبر الصحفي الرياضي محمد ولد الحسن  من ابرز الشخصيات الرياضية الإعلامية التي عرفتها موريتانيا فقد سطع نجمه علي الصعيد المحلي من خلال برامجه الرياضية في التلفزيون الموريتاني. كما عرفت عنه ايضا مواقفه في فضح زموز الفساد الرياضي مما جعله عرضة للطرد من عمله بقطاع الرياضة في التلفزيون الموريتاني لمدة سبعة اعوام، وللطرد المؤقت عدة مرات كان آخرها في  رمضان  2010 حيث بث ضيفنا حينها خبرا في نشرته الرياضية  لم يرق لرئيس اتحادية كرة القدم السابق ولد بوخريص حينها، فاستعمل نفوذه لمعاقبته.
صحيفة تقدمي الالكترونية التقت الزميل المثير للجدل محمد ولد الحسن فكان لها معه هذا الحوار:

كيف كانت بداية الصحفي الرياضي الشهير محمد ولد الحسن مع الرياضة؟

كان ذلك حين كنت طالبا في السنة الاولي من المعهد السعودي سنة 1982 ونظم استاذ مصري يدعي احمد امين مباراة كرة قدم بين تلامذة القسم الذي كنت انتسب اليه،  وكانت تلك هي المرة الاولي التي اشاهد فيها كرة القدم. وسالني الاستاذ المصري ما هو مركزك؟ فقلت له كل المراكز ، وحين لمست الكرة كانت ضربة تماس نفذتها برجلي بدلا من يدي مما استوجب سخرية لاذعة من طرف رفاقي، ثم طردي من الملعب، ومن ذلك اليوم بدأت قصتي مع الرياضة، حيث اصبحت مدمن ملاعب، مما تسبب في تعثر مشواري الدراسي قليلا.
مارسي هذه الهواية بولع كبير، فلعبت ظهيرا ايمن اساسيا مع فرق الكونكورد والبنك والجيش وغرناطة والجامعة،  في البطولة الوطنية من سنة 1986حتي سنة 1993 وكان سبب انقطاعي عن ممارسة اللعبة هو سفري للدراسة خارج موريتانيا.
وقد مثلت ايضا موريتانيا في بطولات العاب القوي مسافة 800 متر في شيفلد ببريطانيا سنة 1991وايفران سنة  1993 ومن ضمن اللاعبين الذين لعبو معي البطولة الوطنية سنة 1992مع فريق الجامعة وزير السياحة الحالي بنب ولد درمان حيث ارفق صورة له معنا ضمن فريق الجامعة مع هذه المقابلة .
وبعد تخرجي بشهادة دكتوراه جامعية من المعهد العالي للصحافة في المغرب سنة 1995استقبلني المدير العام للتلفزة حينذاك. وطلب مني تقديم برامج ونشرات سياسية، ولكنني طلبت المجال الرياضي فرمقني بنظرة ازدراء لا انساها ابدا،  قائلا تتعب من اجل الحصول علي شهادة كبيرة ثم يكون مصيرك الرياضة . وقد كان محقا في حقيقة الامر فكل من تخصصوا في الصحافة  الرياضة خلال تلك الفترة كانوا دون مستوي الاعدادية نظرا لدونية وحقارة المهنة حينها في عيون الموريتانيين، ولكنني صممت علي خياري ولم اندم عليه لله الحمد .

ما هو سبب تخلف الرياضة الموريتانية في رأيك؟

لابد من الاعتراف بان الرياضة الموريتانية لم تتقدم ابدا حتي تتخلف،  لكن هناك مراحل مختلفة تفاوت فيها هذا التخلف من سيئ إلي اسؤ وهي في وجهة نظري علي ثلاثة مراحل المرحلة الاولي: التاسيس وحتي سنة 1989السنة التي شهدت الاحداث المؤسفة مع جارتنا السنغال،  حيث سيطرت فئة محددة من مجتمعنا علي كل مفاصل الرياضة بينما كانت نظرة بقية الفئات للرياضة دونية وازدرائية. و قد احتكرت هذه الفئة ممارستها ما سبب غياب كاملا للفئات الاخرى. وتميزت هذه الفترة بكثير من العفوية والتلقائية والحضور الجماهيري الكبير دون تسجيل حضور دولي معتبر.
اما المرحلة الثانية فكانت مع بداية سنة 1989 حيث اعتزل العديد من المؤسسين والممارسين القدامي، وحيث حاولت الدولة بناء وسط رياضي جديد،  وتميزت هذه المرحلة التي امتدت حتي سنة 2005 عام الانقلاب على الرئيس السابق ولد الطايع، بالكثير من التسييس غير المبرر للرياضة.  مثل نداء عشرين اغشت لولد الطايع الذي كان مجرد تصريح عادي تم تحويله لمناسبة استغلت فيها الرياضة لخدمة السياسة بدلا من ان يتم العكس. وكانت هناك جهود مخلصة لبعض الشخصيات الرياضية ميزت هذه الفترة مثل المرحوم ولد بيده الذي كاد ان يصعد بالفريق الوطني لامم افريقيا لولا وفاته المفاجئة، ولكن هذه المرحلة اتسمت في مجملها بالتخبط والفساد والارتجالية والشكليات دون الاهتمام بالجوهر.
اما المرحلة الثالثة الممتدة من سنة 2005 حتي الوقت الحالي فبدأت بامل كبير للرياضيين مع وعود وزيرة الرياضة حينها مهلة منت احمد ببداية الاصلاح وانطلاق المشاريع الرياضية الواعدة، قبل ان يتضح بانها مجرد زوبعة في فنجان، حيث زاد الفساد بالضعف، وتم وضع قوانين خيالية للرياضة الموريتانية.
وكانت الفترة التي تحولت فيها الوزارة إلي وزارة الشباب والرياضة خلال فترة الرئيس السابق سيدي ولد الشيخ عبد الله افضل هذه المراحل حيث بدأ وزير من حزب التحالف ولد يرك وزميله ولد بربص وضع خطط واقعية مع الوسط الرياضي لم يسعفهما الوقت لتنفيذها لترجع الوزارة مجددا مع الثقافة ومع مرحلة الوزيرة الجديدة  الي مربعها الاول. ورغم اعترافي بنوايها الطيبة ومشاريعها المعقولة إلا ان كل المحيطين بها هم نفس القيادات الرياضية التي افسدت الرياضة الموريتانية ومن دون تغييرهم لن يحدث أي تطور في وجهة نظري.

 

كيف تقيم الرئيس الجديد لإتحادية كرة القدم الموريتانية؟

كان من المفروض ان يكون التقييم هو للمكاتب،  وليس للاشخاص لكن المشكلة في بلادنا ان كل شيئ مرتبط بالشخص الذي يقوده، والرياضة ليست بمنأى عن هذا التقليد.  وبالنسبة للرئيس الحالي ولد يحي الذي اعرفه جيدا وكنت اول من يجري معه مقابلة صحفية سنة 2000 حين اسس فريقه افسي انواذيبو، جاء في ظروف بائسة لكرة القدم الموريتانية لم يسبق لها مثيل بسبب  سوء تسيير الرئيس السابق والمستشار الحالي في وزارة الرياضة محمد سالم ولد بوخريص.
والغريب بان ولد بوخريص كان لاعب كرة قدم لفترة طويلة.. وكان من المفروض ان يكون المنقذ لها،  وعلي ذالك الاساس وقف معه وسط كرة القدم الموريتاني حينها.  واتذكر جيدا بانه قبل انتخابه بيوم واحد زارني في منزلي بعرفات صحبة امينه العام الموجود حاليا في السجن اكليكم، وتناولو معي العشاء وجلسوا معي حتى ساعات متأخرة من الليل.. وقد اقتنعت حينها بانه الرجل المناسب الذي تنتظره كرة القدم الوطنية منذ فترة طويلة، الا انني صدمت صدمة كبيرة حين رأيته يدمرها بشكل لم يسبق له مثيل.  لهذا لم اهادنه ابدا .. وقد حاول استغلال نفوذه لطردي من التلفزة خاصة بعد بثي لخبر انسحاب المرابطين “الفضيحة” من مجموعته في تصفيات امم افريقيا، حيث كان يريد التكتم علي الخبر حتي يقوم بثه بطريقته المناسبة.
وبالعودة للرئيس الحالي ولد يحي ولد لكور فإنه يتولي كرة القدم بعد قنبلة نووية اصابتها في مقتلها علي يد سلفه ولد بوخريص، ولهذا يتوجب عليه البداية من الصفر، وعلينا ان نحكم علي افعاله لا علي اقواله، وقد بذل مجهودات جيدة في البطولة وفي اعداد مقر  لائق للإتحادية، لكن حرصه علي التدخل في مجال الاعلام من خلال إنشاء استوديو خاص به ودفع مرتبات كبيرة لصحفيين معروفين بالفساد والتملق وغياب الضمير المهني ومحاولة وضع نفسه كحكم وخصم لنفسه من خلال تغطية اعماله بنفسه وبثها في وسائل الاعلام العمومية بطريقته..  امور لاتبشر من هذه الناحية،  فقد كان عليه الاهتمام بكرة القدم الوطنية المنهارة وترك الصحافة تحكم عليه من خلال انجازاته واعتقد بانه لايمكن الحكم عليه حاليا، فلابد من اعطائه الوقت الكافي قبل معرفة حقيقته.

ماهي اكبر قضايا الفساد الرياضي التي اثارت انتباهك؟

هناك قضايا كبيرة جدا لكن التي بقيت عالقة بذهني منها هي  فضيحة العاب سيدني سنة 2000 حين اعلنت وزارة الرياضة تأهل منتخب كرة السلة للمعوقين لالعاب سيدني للمعوقين عن قارة افريقيا، وتم تخصيص مبلغ مالي ضخم للفريق الذي حظي بتوديع رسمي من طرف وزير الرياضة في وقتها باب ولد سيدي الذي سلم العلم الوطني للفريق.  وقد سافرت مع الفريق حيث وصلنا جزيرة سنغافورة بعد سفر شاق عن طريق باريس فوجئت برفض استراليا منحنا التاشيرة لكون الفريق ليس متأهلا من الاساس وتم حجزنا من طرف الشرطة السنغافورية في المطار قبل إعادتنا للبلاد في ظروف شاقة،  والمثير في الموضوع بان المدير السابق للتلفزة يسلم ولد ابنو عبدم اتخذ قرار بطردي من التلفزة عند رجوعي  خشية الحديث عن الفضيحة في التلفزة لانه كان يعرف بانني لن اسكت.

يتهمك بعض الصحفيين الرياضيين الشباب بعدم مساعدتهم للتطور في المهنة؟

هذا الكلام سلاح  يستخدمها ضدي مجموعة الصحفيين المتملقين، الذين باعو ضميرهم مقابل النفع المادي، ويكفي ان تعرف بان واحد منهم قضي اربعين سنة في المهنة، كتب في عموده بصحيفة رسمية مقالا يؤكد فيه بان فضيحة الانسحاب من امم افريقيا التي تبرأ منها حتي صاحبها، بانها من انجازات سنة  2010 تصور هذا الحد الذي يصله الانسان حين يبيع ضميره .
مشكلة العديد من الصحفيين الشباب بالإضافة لانعدام ثقافة رياضية كاملة هي الاستعجال وعدم احترام تاريخ زملائهم وماضيهم، مثلا سبق لي ان تعاملت مع صحفي شاب اكتشفت بانه شبه امي وحاولت مساعدته علي تحسين ادائه، لكنه بدلا من ذالك اصبح اداة في يد القيادات الرياضية الفاسدة، تحركه كيف شاءت واصبح هدفه الوحيد التخلص مني خدمة لها،  فكيف يمكن ان تتعامل مع شخص من هذه النوع.
يسعدني ان  اري صحفيين رياضيين شباب قادرين علي اكمال المسيرة. اقدم لهم كل خبرتي وامكانياتي، ولكنه من المؤلم ان تقدم تضحيات كبيرة مثل التي قدمتها ثم لاتجد الاعتراف بها بل  إنما تقابل بالتجاهل والتجني فمثلا غالبية هذه التعليقات التي سنقرؤها علي هذه المقابلة في موقعكم  ستكون كلها تجنٍ وكذبا علي شخصي، لانها مدفوعة الاجر من قيادات رياضية فاسدة، انا غصتها و شوكة حلقها..  لكن المؤلم ان يحكم عليك شخص لايعرف تاريخك ولايسعي لمعرفة الحقيقة لمجرد اهواء شخصية لآخرين .

ماهي برايك مهمة الصحفي الرياضي؟

مهمة الصحفي الرياضي هي نفس مهمة الصحفي العادي المراقبة والحكم وامانة الرسالة،  وتزيد  مهمة الصحفي الرياضي بانها فنية بحتة، فحين تصف مباراة يهزم فيها فريق نتيجة لايمكنك تحويل هزيمته لنصر بالاقوال والعكس صحيح..  لذالك لابد من القول باننا في وسائل الاعلام العمومية عانينا ضغوطا هائلة لاتتصور،  فيكفي ان تعرف بانه من المحرم علينا ان نتحدث بسلبية عن الفريق الوطني حتي ولو هزم بعشرة اهداف، وغالبا ماتكون كل مهمتنا ارضاء القيادات الرياضية.. لذلك اتوقع من القنوات التلفزيونية الجديدة الخاصة ان تتمتع بحرية اكثر في تناول الشان الرياضي يختلف عن الطريقة التي نتناول بها الامر في الاعلام العمومي حيث لم نتمكن ابدا من تقديم الحقيقة كما هي في الوسط الرياضي الوطني.

موقف محرج تعرضت له في مسيرتك التلفزيونية؟

سنة 2007حين طلب مني مدير التلفزة اجراء لقاء مباشر مع شخصية رياضية تتمتع بنفوذ كبير،  ووضع الاخير الاسئلة بنفسه مقدما،  وكانت كلها لصالحه وكنت حينها بين موقفين إما ان اقبل الموقف لما يشكله من إهانة لكرامتي كصحفي مع اغراءات كثيرة، او ان ارفضه مع ما يشكله الامر من خطورة علي وظيفتي وقد اخترت الطريق الثاني، وانسحب الضيف مباشرة علي الهواء، ولم يعد بعدها للظهور في التلفزيون، ودفعت ثمنا غالياو لكنني مرتاح الضمير.. والحادثة معروفة للجميع.

متي نري المرابطين في نهائيات امم افريقيا؟

هذا السؤال اطرحه معك، ولكن اعتقد بان الامر سيطول لان الرياضة الموريتانية تعاني وضعية غريبة جدا.. تصور ان اكبر هيئة رياضية وطنية وهي اللجنة الاولمبية المفروض ان تكون بالإنتخاب يقودها نفس الشخص منذ سنة 1996 اي منذ خمسة عشر سنة وقد حصل علي اربع سنوات جديدة أي ما يقارب عشرين سنة وبعض الاتحاديات يقودها اشخاص منذ خمسة وثلاثين سنة .. كيف يمكن للتغيير ان يحدث دون وجود تناوب ومحاسبة علي انجازات رياضية علي ارض الواقع .

شخصيات تاثرت بها إيجابيا في الوسط الاعلامي والرياضي؟

من الوسط الرياضي الرئيس الحالي لإتحادية الكرة الحديدية محمد الامين ولد لولي الذي اعرفه منذ خمسة عشر سنة يقدم التضحيات المادية والمعنوية لهذه الرياضة التي احبها، ومع ذالك لم يسع يوما لاي منصب او منفعة فكل ما يهمه هو ممارسة تلك الرياضة لذالك كان في نهاية المطاف محل اجماع الجميع لتولي قيادة الكرة الحديدية الموريتانية.. وعلي الصعيد الاعلامي مدير الاخبار السابق في التلفزة محمد فال ولد احمد حين كتبت تقريرا قويا ضده للمدير العام الاسبق للتلفزة الموريتانية يسلم ولد ابنو عبدم اشكو فيه عرقلته وعدم اهتمامه بالانتاج الرياضي في الاخبار وكنت متعاونا حينها، وبدلا من ان ينصفني او أن  يحفظ الرسالة علي اقل تقدير حوّلها لمحمد فال نفسه وكتب عليها لطرد المعني فورا، فكان من الطبيعي لاي شخص في مكانه ان ينفذ القرار فورا، الا انه استدعاني في مكتبه واخرج الرسالة التي كتبت ضده، وعليها توصية المدير العام ثم خاطبني: عليك التحدث معي في أي مشكلة تعاني منها.. ثم قال لي: واصل عملك..  ورفض توصية المدير بطردي، وقد تاثرت بذالك الموقف تأثرا بالغا، وعرفت انه في عالمنا مازال هناك اشخاص فيهم الخير للبشرية .

كيف تقيم حضور الصحافة والرياضة الموريتانية دوليا؟

بالنسبة للصحافة الرياضية الوطنية فقد كان لحصولي علي مناصب دولية مثل انتخابي عضوا في المكتب التنفيذي للإتحاد العربي للصحافة الرياضية سنة 2005 وعضوا وخازنا عاما للإتحاد الافريقي للصحفيين الرياضيين اكبر الاثر في صمودي امام الحرب الشنيعة التي تشنها عليّ القيادات الرياضية المحلية الفاسدة، حيث مكنني من اسماع صوت الصحفي الرياضي الموريتاني غير المرتشي، الذي يحصل علي رواتب خيالية مقابل صمته ومشاركته، كما ان قانون الإتحاد الدولي للصحفيين الرياضيين عدم الاعتراف باي جمعية تمثل الصحافة الرياضية الموريتانية غير جمعية المعلقين الرياضيين الموريتانيين قطع الطريق امام تلك الجهات لتمرير اشخاصها او عملائها اشباه الصحفيين الرياضيينو اما بالنسبة للرياضة الموريتانية فيكفي ان نعرف بان موريتانيا تحتل المركز الاخير في تصنيف الفيفا هذا الشهر خلف الصومال.

كلمة اخيرة

شكرا لصحيفة تقدمي علي إتاحة الفرصة لي راجيا ان لايسمح بالتعليقات المخالفة للاخلاق والقيم الانسانية.

اجرى الحوار: عثمان ولد يحي

منقول من صحيفة تقدمي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى